المقال الحائز على المركز الأول لـ أفضل إنتاج أدبي على مستوى المنطقة الشرقية في الملتقى الأدبي الرابع بالدمام .. يأس ! متى تنتهي الحكاية ؟
عندما تجد نفسك واقفاً على هاوية الحزن التي يخيل لك بأن لا مخرج منها ولا بيدك حيلة في ذلك حتماً إعلم بأن اليأس قد تملّك ما بك من روح وسيطر عليها فتصبح أيامك تسير بلا طعم ولا حتى رائحة وعيناك تصبح وتُمسي وهي ترى الأشياء باهتةً رمادية إن لم تكن في حقيقة الأمر ترى السواد ! فتبيت نفسك ناسيةً الفرح ولذته وتتغذى الذاكرة على الذكريات الغبراء مُتحسرةً على مامضى .
فاليأس مرضٌ يُصيب النفس ويميتها ، وأصحاب النفوس التي اجتاحها امتلأت بالألم الذي قد حل محل الفرح وما يصاحبه من سرورٍ وبهجة وتضيق الصدور وتقف الأقدام على مرافئه مُستسلمة.
لا شك بأن كُل مافي الأرض من بشر لديهم دائرة أحزان يتخللها الهموم والجراح التي تُهشم ما بالأجساد من أرواح وتتجرع شرابٌ مُر المُذاق وتجعل القلوب تُرافق العين فيما يُذرف منها من دموع سالت إثر حسرة وملام، فمن الغلط أن يخيلَ لنا بأن كل مافي حياتنا من أيام سيكون ضيفها الوحيد اليأس ورفيقه الحزن بل على العكس يجب علينا تغيير هذه النظرة بشكلٍ إيجابي وننظر إلى مسار جمال الحياة ومستقبل مشرق والمُضي قدماً نحو الأفضل ونفض الغُبار عن أرفف الذاكرة المسلوبة وننسى مامر بنا من تعاسةٍ في الماضي لأن التفكير فيما مضى لن يجدي نفعاً، ونثقب هذا الجدار الذي جعل النفوس في عُزلةٍ تامة عن الحياة وجعلنا نسير فيها بلا فرح وأمل وبلا طموحٍ وهدف وبِتنا نُلملم ما تبقى بنا من روح تبقينا على الحياة لكن ضمن قائمة "البؤساء".
لنجعل أشعة الأمل تحل محل هذا السواد العجيب، مهما كانت الحياة صعبة والحلول مُستعصية فالأمل مازال باق فتشوا عنه حتماً ستجدونه ليكسر أسوار حُبست بداخلها أرواحكم وما بها من جمال وأصبحت أسيرةً للإحباط ، ومع هذا الثقب شيئاً فشيئاً ستعود لكم خيوط السعادة المُحملة بفرحٍ لا حدّ له وستعود الرؤيا ملونةً لأعينكم ولها بريقٌ سيكون، وتبدأ الحلول سهلةً في مُتناول اليد وأرجلكم ستخُط خُطاها نحو الأمل وتصعد سلالم يُطلق عليها (النجاة من اليأس).
أما بالنسبة للروح؛ سهلٌ إشباعُها بما تفرحُ به وتسعد، مع بداية فصل الشتاء الذي لطالما ينتظره الكثير منا بشغف؛ ستنعش قطرات مطره هذه الروح وتُزيل ما بها من يأس وما يُصاحبه من همٍ وبؤس، وستُسر العين بعودة مرأى أكواب قهوة الشتاء وأبخرتها المُتصاعدة .
فما دام الإنسانُ حياً قادراً على الحِراك والإنجاز وإظهار ما بالعقل من إبداعٍ وفن لا ينبغي بأن يُفسح لليأس مكاناً في نفسه، ويجب على الجميع منا أن يكونوا ذو همةٍ عالية وعزيمة ترى الصعاب توافه أمور سهلٌ تحطيمها والتغلب عليها .
أبذل الأسباب فكر .. حاول .. ابتدع شيئاً جديداً وثق في نفسك وما بجوفها من طاقات فمن أبدعوا قبلك كان الأمل شمعة تُضئ ليلهم، ولا تنتظر السماء تُمطر عليك حظاً فمن الواجب عليك توديع السلبية في تفكيرك والمبادرة بالتجربة وإن كان يتخللها فشل.
كرر المحاولة وتعلم مما أعاقك في بداية الأمر وستصل إلى مرادك وما تهواه نفسك .
ـــــــــــــــــــــــ
دون في كتاب "وحي القلم" الإصدار الخاص بالملتقى الأدبي الرابع
جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل (الدمام سابقًا)
صدر الكتاب بتاريخ 1434/5/27
المقال يوجد في صفحة 50 و51
تعليقات
إرسال تعليق