جنة النساء والكافرين "سفارة نامه فرنسا"
هو كتاب نتج من خلال تفكير الوزير أو بما يسمى (الصدر الأعظم) محمد
علي باشا حينما رأى بأنه لم يكن للدولة العثمانية سفارات ثابتة في أي من عواصم
الدول الأوروبية آنذاك، على عكس الدول الأوروبية التي كان لها سفراء ثابتين في
إسطنبول .
وكما هو معروف عن الحنكة والذكاء الإجتماعي الذي يتميز به محمد علي
باشا مما جعل له بصمة واضحة في التاريخ العثماني إذ انه يعد من أهم رجالات الدولة؛
ففي سنة إعتلائه منصب (الوزير) حاول جاهدًا بالنهوض بالدولة العثمانية في كافة
مناحي ومجالات الحياة حتى البسيط منها، وإهتم
بتطوير الجيش والمناحي العسكرية خاصة حين تسلم مشروعًا من ضابط فرنسي يهدف إلى
إنشاء فريق هندسي عسكري ..
لذا جاءت فكرة إرسال السفراء من محمد باشا الميال إلى السلم والإنفتاح
على دول أوروبا والتعرف إلى مظاهر التقدم وإقامة علاقات صداقة مع كل بلاطات أوروبا..
فـ أرسل عدد من السفراء العثمانيين إلى شتى بقاع الأرض التي تتمركز
فيها عواصم الدول الأوروبية وهي : (فيينا وكان إرسال السفير إليها عام ١٧١٩م ،
باريس وكان إرسال السفير إليها عام ١٧٢٠م ، موسكو وكان إرسال السفير إليها عام
١٧٢٢م ، بولونيا وكان إرسال السفير إليها عام ١٧٣٠م )
وكان إرسال السفراء مشروطًا بكتابة تقارير مفصلة عما يرونه في تلك
البقاع من تقدم وإزدهار حضاري وثقافي ومعماري حتى الهندسة الزراعية؛ بغرض
الإستفادة والتطوير، وكان من بين أبرز التقارير تقرير السفير والسلطان محمد جلبي الذي أُرسل إلى فرنسا
"باريس" .
يعبّر التقرير الذي كتبه السفير محمد جلبي بإسلوب أدب الرحلات، بما
تضمنه من تفاصيل وإسهاب في الوصف عن إكتشاف عالم جديد مختلف عن عالمه الذي يعيش
فيه، هذا العالم المختلف عن عالمه إلى حد الإنقلاب ؛ فـ العثماني يسير والمرأة
وراءه والفرنسي يسير وتتقدمه المرأة ، إذا دخل العثماني إلى منزل يخلع حذائه أما
الفرنسي يخلع قبعته، العثماني يحلق شعر رأسه ويرخي لحيته أما الفرنسي فيحلق ذقنه
ويرخي شعر رأسه!
تلك الفروق التي تخلق إثرها عالمين متناقضين ومختلفين ، فـ يعتبر
تقرير محمد جلبي تعزيزًا على إختلاف العادات والتقاليد وخصوصًا فيما يتعلق
بالمرأة، حيث أثار ذلك إنتباه محمد جلبي و خط في تقريره أن باريس تحضى بحضور نسائي
مُعتاد عليه بالنسبة للفرنسيين في الحياة العامة مثله مثل حضور الرجال، مما ألفت
إنتباهه وهنَّ يمارسن البيع والشراء في الأسواق خصوصًا أنهن كن يهرعن لملاقاته و
إستقباله.
كان محمد جلبي قليل الذكر والإهتمام بالحديث عن الفروق الدينية بينه
وبين الفرنسيين لكنه أكد على أن الفرنسيين إحترموا معتقده ودينه فلم يتدخلوا في
طقوسه الدينية ويحترموا أدائه للعبادات مثل الصوم وصلاة التروايح والتهجد التي نتج إثرها رفض بعض الدعوات التي
كانت تأتيه من السفراء وكبار رجال الدولة الفرنسية في شهر رمضان.
وكما ذكر مترجم ومقدم الكتاب الأستاذ "خالد زيادة" :
وبإختصار
فإن هذا التقرير الذي كتبه محمد جلبي وما تضمنه من مشاهدات؛ مثل أول جهد لكسر
التقاليد الثابتة لدى الطبقة الحاكمة في استامبول، وكسر الحاجز النفسي والعقائدي
الذي كان يرفض التشبه بالأوروبيين المختلفين في العادات والإيمان
.
نُشر في مجلة المرأة العربية - قسم كتب و أراء
تعليقات
إرسال تعليق