ديمومة الزواج والطلاق المُبطن
الزواج ليس أمرًا سهلًا كما هو حاصل في هذه الأيام، أي بمعنى أنه ليس شيء فطري ومتوقع بأن يكون ناجح بل مثله مثل أي قرار يتخذ في حياة الإنسان يحتاج إلى دراسة عميقة تنظر في كل العوامل التي من شأنها تجعل الزواج ناجح وينعم بديمومة مستقرة، كما أن ديمومة الزواج لا تعني بالضرورة بأن الزواج ناجح وهذا أيضًا لا يعني بأن كل الزيجات المستمرة في الوطن العربي فاشلة، فشل وانتهاء العلاقة الزوجية يعود لأسباب عدة أهمها سوء العشرة الزوجية الناجم عن سوء اختيار الشريكين لبعض مما أدى إلى صعوبة فهم احداهما الآخر وعيش حياة مستقرة وصالحة لإنجاب وتربية الأبناء، ولعل أهم الأسباب المؤدية لذلك هو الزواج التقليدي والشائع في الوطن العربي حتى الوقت الراهن، فيتزوج الرجل إحدى قريباته أو إحدى معارف الأهل بناء على رغبة الوالد أو الوالدة التي أعجبت بالفتاة وعرضت مواصفاتها على ابنها الذي لا يشاء أن يكسر رغبة أمه في إختيار شريكة حياته!.
ديمومة الزواج التقليدي -برغم نجاح بعض زيجاته- لا تعني بالضرورة بأن الزواج موفق وأن كل الأمور تجري في مسارها الصحيح والذي ينبغي أنه تسلكه، إذا أن هذه الديمومة يقبع ورائها الكثير من الأسباب التي تجعل من الزواج دائم لكنه يندرج تحت مسمى ـ الطلاق المبطن- ،فمن أهم الأسباب التي تجعل الشريكين يبتعدان عن الطلاق برغم الحاجة الملحة له في بعض الأحيان هو الأبناء، وغالبًا الأم هي من تضحي في سبيل إسعاد أبنائها ومنحهم الحياة الطبيعية في ظل أسرة كاملة تتكون من أب و أم، إذ تفضل بعضهن الإستمرار برغم سوء التفاهم والبعد بينها وبين زوجها الذي يؤثر سلبًا على حياتها النفسية حتى أنه يصل في بعض الأحيان يكون عائق ما بينها وبين تقدمها العلمي أو العملي .
على الجانب الآخر، لدينا من هم يستمرون في الزواج خوفًا من الفشل بمواجهة المشاكل التي تبدأ بمجرد بدء الطلاق وتأثير ذلك على نفسية الأبناء أو تحصيلهم العلمي بسبب إبتعاد أحد الوالدين عن سماء حياتهم. وهذا يوضح بأن العالم العربي يفتقر لمفهوم الطلاق الناجح الذي يحفظ الود والإحترام واتفاق الشريكين على عدم الإتفاق.
ولكي ينعم الشريكان بالاستقرار ينبغي عليهم الإستفادة من كل شيء يمكن أن يساعدهم على حصول زواج ناجح مستقر، الإستفادة من خبرات أشخاص تزوجوا ودام زواجهم على الوجه الذي يرتضونه، وخبرات من أشخاص لم يكتب لهم الله الإستمرار في الزواج.
هناك كتاب اسمه لغات الحب الخمسة -The 5 Love Languages by Dr. Gary Chapman- يتحدث عن الحب ومثله على أنه خزان وقود، فعندما تتم تعبئته بعد مرور فترة من الزمن سيفضى وتجب إعادة تعبئته من جديد بشكل دوري فيروي أن للأنسان لغة حب مفضلة لخصها في خمس نقاط وهي
1-فهم احتياجات الطرف الآخر
فإذا فهم الشريكان إحتياجات بعضهما من بعض قلت المشاكل التي يمكن من شأنها أن تؤدي إلى الطلاق، فهنالك مثل يقول ( إفهم زوجك تهدأ نفسك ) الفهم طريق يؤدي للهدوء والسكينة التي بدورها تعطي الشراكة الزوجية الاستقرار.
2- المصارحة
لا يوجد زواج بدون ثقة ولا توجد ثقة بدون مصارحة، أطلق علماء الإجتماع تعبير يسمى بالطلاق المبطن - Hidden Divorce - يلخص هذا التعبير بأنه إذا لم تتم مصارحة بين الأزواج بشكل مستمر عما يدور مع الشريك أو ما يريده من شريكه الآخر فهذا شبه زواج ومجرد شكل إجتماعي لأن الطلاق هنا طلاق فكري وعاطفي بسبب غياب التواصل الصريح بين الشريكين.
3- التفاهم المادي
يقول خبراء الزوجية بأن ينبغي على الشريكان وضع خطة سنوية أو شهرية حول المال وكيفية الصرف لتفادي المشاكل وحتى تكون الزوجة في الصورة.
4- حُسن التواصل
وهنا يقصد بأن لا يتحدث الشريك بأسلوب يفهمه هو بل التحدث بإسلوب يفهمه الطرف الآخر لأن إذا لم يحصل ذلك ستحدث فجوة تحول بين فهم الشريكين لبعضهما والمؤدية بالتأكيد إلى نشوب الخلافات.
5- التقبل
من أسرار نجاح الزواج حتى يبلغ مستوى يصنفه "زواج سعيد” هو أن يصل الشريكين إلى مرحلة يتقبل فيها عيوب الشريك.
في سنة ١٩٩٥م وصلت معدلات الطلاق في دولة ماليزيا إلى 33٪ وهي نسبة قريبة جدًا لمعدلات الطلاق في الوطن العربي حتى وصلت في بعض الدول إلى 50%، فعملت الجهات المعنية بأمور الزواج في دولة ماليزيا بإنشاء نظام جديد يتضمن بأن أي شخصين يريدان الإرتباط والزواج يجب عليهم الحصول على رخصة تخولهم للزواج تسمى “رخصة زواج” يتم الحصول عليها بعد التدريب على كيفية خوض الحياة الأسرية وتفادي مشاكلها. ومنذ أن أُنشئ هذا النظام بدأت معدلات الطلاق تقل حتى أصبحت ماليزيا اليوم من أقل دول العالم في معدلات الطلاق بنسبة 8% .
نشرنا على حساب ملتقى المرأة العربية في تويتر إستفتاء يقول نصه برأيك هل يعني استمرار الحياة الزوجية نجاح الزواج؟
وكانت نتائج الاستفتاء كالتالي:
· ليس بالضرورة 36 %
· الإستمرار من أجل الأبناء 19%
· هروبا من مشاكل الطلاق 4%
· نعم الإستمرار = النجاح 14%
تعليقات
إرسال تعليق