عرب المهجر في رواية
من أقاصي أرض بتاتر في الأراضي العربية إلى ماهو أبعد منها، هاجرت مرتا حداد مُخلفة وراءها جميع الذكريات الحلو منها والمر، تاركة أرض الطفولة والمنشأ لتخطو أرجلها إلى رحلة جديدة بالتأكيد لن تشبه الحياة التي خرجت منها.
الشخصية التي كونها ربيع جابر قوية لا ترضخ لليأس والاستسلام للمعطيات والمُسلمات على حد سواء، فكان غرض مرتا الأول والأخير من هذه الرحلة والتي تحولت إلى هجرة هو اللحاق بزوجها الغائب ذكره وجسده عنهم لفترة ليست بقليلة، إذ بعد نشوب الحرب أختفت أخبار زوجها بالكامل الراحل إلى أميركا بغرض التجارة.
الرواية تتكلم عن تاريخ المهاجرين العرب الأوائل، وتحديدًا أولئك القادمون من سوريا الكبرى قبل أن تتقسم وتتحول إلى الجمهورية العربية السورية كما هو معروفٌ الآن. ومن براعة قلم ربيع الباحث أنه تتطرق لدور السوريين في تاريخ أميركا مطلع القرن العشرين
تقفى ربيع جابر رحلة مرتا خلال ستين سنة منذ أن تركت سوريا وركبت الباخرة حتى وطأت أقدامها الأراضي الأميركية، والتحولات التي عاشتها وتغير الهدف الذي جاءت من أجله حتى أصبحت من أشهر تجار منطقتها. كما تكلم عن أثر الحرب والحب والبعد عليها في هذه البلاد التي تعزلها بمعزل تام عن الأجواء التي اعتادت أن تعيشها في بتاتر، وكيف أنها لم تستسلم بوجهه كل المعوقات التي كانت من الممكن أن تجعلها تستسلم لليأس وتعود أدراجها إلى موطنها الأصلي وبيتها وأهلها.
تقع الرواية في أربعمائة وثلاثين صفحة، منشورة عن دار الآداب عام 2009. وبالرغم من طول الرواية إلا أن المتعة كانت ملازمة لكل صفحة وفصل من هذه الرواية، تمكن ربيع جابر من الحفاظ على تماسك الحبكة وتسلسل الأفكار والسرد بحيث كان من شأنها أن تطرد الملل بشكل تام، هذا فضلًا عن المعلومات الواردة عن الحرب العالمية الثانية وهتلر وترومان التي وثقها لنا ربيع وقام بحشوها بين السطور التي تجعلك تظن لوهلة أنك تقرأ قصة حقيقية وليست رواية من بنات أفكار الكاتب.
ولعل ذلك أبرز ما يميز هذه الرواية هو حقيقتها النصف كاملة، ومن يدري لربما وقعت أحداث الرواية لإحداهما في الحرب مثل تلك التي حدثت مع مرتا.
رواية أنصح بقرائتها لمن يعتريه الفضول حول تفاصيل حياة العرب في المهجر.
تعليقات
إرسال تعليق