مدام بصلة
للتو انتهيت من قراءة فصل "مدام بصلة" من مذكرات حليب أسود لـ إليف شفق، وبما أن القارئ المُفكر يتأثر بكل حرف يقرأه ويمعن في التفكير والتأمل بكل جملة تمر بين خلايا دماغه؛ الواقع أنني توقفت عند هذا الفصل وبدأت في التفكير حول ما تطرقت له إليف بهذا الفصل، فتناولت المظهر الخارجي للنساء الأكاديميات والصحافيات والسياسات في الشرق الأوسط وأيضًا النسوة اللواتي يحفرن طريقهن في عالم التجارة وسلطت الضوء بالأخص على الكاتبات.
وصفتهن – وهي واحدة منهن - على أنهن نسوة مسلوبات الإرادة في التحكم بمظهرهن الخارجي والاهتمام به بالقدر الموازي لإهتماهن بالمجال الذي يعملن به مما ذكر آنفًا، فليس لهن القدر الكافي من الحرية أو البحبوحة التي تجعلهن يضعن مساحيق الزينة وارتداء الملابس التي تحلو لهن بالقدر الذي يتيح للرجال التحكم بمظهرهم الخارجي والظهور بكامل زينتهم وأناقتهم دون الإلتفات ووضع المجال الذي يعملون به بالحسبان.
وصفت إليف نفسها كأنها بصلة، فهي تراكم الألبسة والثياب عليها قطعة تلو الأخرى، إمرأة ترتدي طبقات من الثياب قبل الخروج من المنزل، ترفض أن تجذب الإنتباه لجسدها لأنها تريد لعقلها وقلمها أن يُحترم، حيث قالت في مذكراتها " لطالما خبأت نفسي خلف قطع الثياب، واضعة إياها درع حماية، وفي كل مرة أقف فيها للتصوير بعد مقابلة صحفية، أتأكد من أنني لا أبتسم بشكل ملحوظ كي لا أؤخذ بخفة في هذا الوسط الأدبي الذكوري".
والواقع هنا أن ثُلة كبيرة من النساء يملن للجدية، في نظرهن إرتداء ما هو ملون ومُزهر سيقلل من مكانتهن التي أٌشتهرن بها، قابعات في دائرة ذعرهن من مجيء يوم يزعزع مكانتهن وقابلات ذلك حتى على حساب حريتهن البسيطة في إرتداء ما هو مبهج! لا يستطعن التعامل مع أجسادهن بأريحية تامة في مجتماعتنا المنغلقة على النساء، ولكي ينظر اليهن في الأماكن العامة أنهن مفكرات لابد من السيطرة على أجسادهن.
وأنا في الحقيقة أختلف مع كل من تؤيد إليف في هذا الشأن، وأنادي بتخلص المرأة من كونها الحلقة الأضعف وعليها التنازل دومًا، فللمرأة الحرية التامة مثلها مثل الرجل، عليها أن تتعامل مع جسدها مثلما تحب ولا تسعى لإرضاء الذكورية التي أصبحت فيروس منتشر في أجواء المجتمعات العربية ومن الصعب التخلص منه، ارتداء ما يحلو لها من الألوان والملابس المزينة التي تحب، التعامل بالطريقة التي تحب شريطة أن يكون زيها في كامل الاحتشام، وتتخلص من قناع لا يمثل شخصيتها التي تحب أن تكونها .. نُشر في موقع ملتقى المرأة العربية
صفحة إجتماعيات
تعليقات
إرسال تعليق